أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

مؤشرات إنسانية:

لماذا الشباب الخليجي الأقل استياء من نظرائه العرب؟

20 ديسمبر، 2016


عرض: أحمد عبد العليم، باحث في العلوم السياسية 

على الرغم من تحديات إدارة التعددية في سوق العمل، واستيعاب الوافدين، وتطوير مهارات العمالة، شغلت دول مجلس التعاون الخليجي مراتب متقدمة في تقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر عام 2016، والذي يصدره البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وحمل عنوان "الشباب في المنطقة العربية: آفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير". 

فالتقرير الذي طرح مؤشرات حول مشكلات الشريحة الشبابية في المنطقة العربية، أعطى ضمن تفاصيله لمحات عديدة حول دول الخليج، خصوصاً ما يتعلق بأن التقدم في مؤشرات إنسانية، مثل المساواة بين الجنسين وتوفير الوظائف والاستثمار في التعليم، يعظم من الرضى العام عن المعيشة. إذ جاء الشباب الخليجي في المرتبة الأقل بين الدول العربية فيما يتعلق باستياء الشباب من مستوى المعيشة، وإن كان التقرير قد ألمح إلى اتجاه هؤلاء الشباب نحو الوظائف الحكومية بما قد يحد من التحاق المواهب الوطنية بالقطاع الخاص.

تجزئة سوق العمل:

ففي معرض تناوله لأسواق العمل، يشير تقرير التنمية الإنسانية العربية إلى أن سوق العمل الخليجية تتسم بتصاعد أعداد الأجانب العاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة في الدولة، بالإضافة إلى ما أطلق عليه التقرير "تجزئة سوق العمل" أي وجود سوق عمل للمواطنين، وآخر للعمالة المهاجرة، وتختلف مستويات أجور العمالة المهاجرة بحسب المهارة والجنسية، وعادة ما يفضل المواطنون الالتحاق بالوظائف الحكومية، نظراً إلى أن متوسط الأجور الحكومية أعلى، مع تعدد المزايا مثل انخفاض عدد ساعات العمل وغيرها.

بيد أن تفضيل الوظائف الحكومية يؤدي إلى الحد من التحاق المواهب الوطنية بوظائف القطاع الخاص في منطقة الخليج، ولا يتبقى أمام أرباب الأعمال الخاصة سوى تعيين العمالة المهاجرة حتى وإن كانت مهاراتها محدودة، وهو ما كانت له آثار سلبية على إنتاجية العمل على الرغم من النمو الاقتصادي السريع في دول الخليج.

ونتيجة للمنافسة الشديدة على وظائف القطاع العام، وعدم توفر الفرص الملائمة بوظائف القطاع الخاص، اتجه بعض المواطنين في منطقة الخليج إلى ريادة الأعمال، لا سيما في مجال التكنولوجيا، وهو ما يتضح في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص.



 خصائص العمالة الوافدة:

يؤكد تقرير التنمية الإنسانية أن دول الخليج تحرص على استقدام العمالة الوافدة ذات المهارات العالية، وتشير بعض الإحصائيات إلى أنهم عادة ما يكونون ذكوراً، فمثلاً تصل أعداد العمالة الوافدة من العرب الذكور في الكويت إلى ما يعادل 205 ذكر لكل 100 أنثى في المتوسط، كما أن أغلبهم من فئة الشباب، إذ يصل عدد الشباب الآسيويين في البحرين -على سبيل المثال- إلى ما يقدر بحوالي 18% من إجمالي العمالة الوافدة.

وقد يعود ارتفاع نسب الشباب بين الوافدين إلى أن العرب من الفئات العمرية الأكبر عادة ما يكونون متزوجين ومسئولين عن أسرة، وقد تواجههم بعض الصعوبات في استقدام جميع أفراد أسرتهم، وذلك على النقيض من الشباب.

وعادة ما يتمتع الوافدون العرب في دول الخليج بمستويات تعليمية جيدة، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة خريجي الجامعات من العمالة العربية الوافدة إلى البحرين ما يقدر بحوالي 22% من إجمالي الوافدين العرب، في حين يبلغ عدد الخريجين الجامعيين من العمالة الآسيوية ما يصل إلى 7% من إجمالي الوافدين الآسيويين.

أوضاع الشباب الخليجي:

في ضوء ما سبق، يُمكن طرح تساؤل حول وضع الشباب في الخليج في ظل هذه الأوضاع، وربما يعد ما أكده دليل التنمية البشرية لعام 2014 من أن خمس دول خليجية قد جاءت في المراتب الأولى بين دول المنطقة العربية مؤشراً على أن أوضاع الشباب في دول الخليج قد تكون هي الأفضل وفق أكثر من متغيّر، وذلك مقارنةً بباقي دول المنطقة، وتتمثل هذه الدول في: قطر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، والكويت، فيما حلّت عمان في المرتبة السابعة عربياً، وهو ما يمكن إيضاحه من خلال النقاط التالية:

 1- المساواة بين الجنسين: يشير التقرير إلى أنه في أغلب البلدان العربية حدثت قفزة في وجهات النظر المناصرة للنوع الاجتماعي، ولكنها ظهرت بشكل كبير خاصةً في بلدان مجلس التعاون الخليجي.

2- الالتحاق بسوق العمل: هناك تناقص في عدد الوظائف المتاحة بسوق العمل عربياً ما عدا في دول مجلس التعاون الخليجي التي توجد بها استدامة في فرص العمل بالقطاع العام للمواطنين، وهو ما يزيد من فرص انضمام الشباب في الخليج إلى سوق العمل.

3- الرضى عن مستوى المعيشة: تأتي دول الخليج في المرتبة الأقل بين الدول العربية فيما يتعلق باستياء الشباب من مستوى المعيشة بنسبة وصلت إلى 12%، في حين وصلت نسبة استياء الشباب في بعض دول المشرق العربي إلى ما يقارب 55% وذلك في عام 2012.

4- تعليم الإناث: في بلدان مجلس التعاون الخليجي تتعدى نسب مشاركة الشابّات في التعليم نسب الشبان، ولدى قطر والإمارات أعلى نسب لالتحاق الإناث مقارنة بالذكور بالجامعات في العالم، فحتى بين الأسر المحافظة للغاية في دول الخليج يحظى تحصيل الشابات العلمي بالتقدير.

5- الاستثمار في التعليم: قامت دول الخليج بزيادة حجم استثماراتها في مجال التعليم، وبصفة خاصة في مجال المنح الدراسية، فمثلاً قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للمنح الدراسية، ويقدم هذا البرنامج منحاً دراسية إلى دول مختلفة، كما يمنح الطلاب السعوديين دعماً مالياً سخياً، سواء لهم أو لمرافقيهم، وقد أشارت إحدى الإحصائيات إلى أن عدد الطلاب السعوديين الحاصلين على منح دراسية يُقدر بحوالي 83% من إجمالي الطلاب السعوديين الذين يدرسون بالخارج، وذلك في العام الدراسي 2013/2014، كما تتبع كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان سياسة مماثلة، ولم تقم أي دراسات بعد بتقييم العوائد المتحققة من هذه المنح.

الطلاب السعوديون في الخارج قبل مرحلة الدكتوراه 2013/2014


 

6- هجرة الشباب: يعيش بدول مجلس التعاون الخليجي ما يُقدَّر بحوالي (27) مليون مهاجر، وتتسم دول الخليج بأنها دول مستقبلة للهجرة والوافدين، وعادة ما يكونون رجالاً ذوي مهارات عالية، وفيما يتعلق بنسبة المهاجرين العرب الشباب من دول مجلس التعاون الخليجي فإنها تتراوح بين 40-80% من الفئة العمرية التي تقل عن 25 عاماً، وعادة ما تكون هذه الهجرة إلى دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

ولا توجد نسب محددة لهجرة الشباب الخليجي، إلا أنه يمكن الاطلاع على نسب المهاجرين من كافة الأعمار، وقد استمد تقرير التنمية الإنسانية هذه النسب من إحصاءات الدول المستقبلة، على أن يراعي أن هذه النسب لا تشمل المهاجرين غير الشرعيين. إذ بلغت نسب المهاجرين من السعودية للخارج حوالي (1.2%) من إجمالي السكان، في حين أن الهجرة إليها بلغت (44.1%) من إجمالي السكان، في حين أنه في قطر جاءت نسبة المهاجرين منها للخارج حوالي (0.8%)، في حين بلغ عدد المهاجرين إليها نسبة كبيرة للغاية تبلغ (90%)، أما عمان فقد بلغت نسبة المواطنين المهاجرين منها (1%)، في حين أنها استقبلت مهاجرين بنسبة (43.7%) من إجمالي السكان بها.

أما الإمارات فقد شكّلت نسبة المواطنين الإماراتيين المهاجرين منها نسبة (2.2%) من إجمالي عدد السكان، في حين بلغ عدد المهاجرين إليها نسبة (88.5%)، في حين بلغ عدد المهاجرين من الكويت حوالي (4.4%) واستقبلت مهاجرين بنسبة (68.7%) من إجمالي عدد المواطنين الكويتيين المقيمين، ووصل عدد المهاجرين البحرينيين إلى الخارج نسبة (1.3%) واستقبلت البحرين مهاجرين بنسبة (54%) من إجمالي السكان المقيمين بها.

7- متوسط سن الزواج: يشير التقرير إلى هناك درجة من درجات التأخُّر في سن الزواج لدى الشابات في الخليج مقارنة بالعقود الماضية، ويأتي ذلك في ظل أن بعضهن يفضلن إتمام الدراسة العلمية وتأجيل الزواج إلى ما بعد التخرُّج، ويبلغ متوسط سن الزواج في كل من قطر والإمارات العربية المتحدة 25 عاما، في حين أنه يبلغ في السعودية 20 عاماً، في حين كان متوسط عمر الزواج الأول بالنسبة للمرأة العربية بصفة عامة منذ نصف قرن 18 عاماً.

وختاماً يبرز التقرير بشكل عام ضرورة تعزيز قدرات الشباب العربي وتوسيع فرص مشاركتهم، حيث إن تمكين الشباب يتطلب تغييرات جذرية في البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن المهم انخراط الشباب في المجال السياسي الرسمي، وأن يكون النظام الاقتصادي قادراً على توفير فرص العمل اللائقة لهم، ويرتبط بذلك ضرورة تحسين أنظمة الخدمات الأساسية المقترنة بتعزيز قدرات الشباب وبخاصة التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى

*عرض مُوجَز لتقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2016، وعنوانه "الشباب في المنطقة العربية: آفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير"، متاح على الرابط التالي:

http://arab-hdr.org/arabic/PreviousReports/2016/2016.aspx